أثار خروج “عائلة روني”، التي اشتهرت بجرائم استعباد واستغلال فقراء، من السجن وعودتهم لأعمالهم، غضباً في بريطانيا، حيث يعود هؤلاء لممارسة حياتهم العادية، بالقرب من مسرح جريمتهم فيما لم تتخطى أسر الضحايا ما حدث، ولم ينل الأغلبية تعويضات.
وصدمت عائلة روني من محافظة “لينكولنشاير” بإنجلترا عام 2017 الشارع البريطاني، عندما تلقت أحكاماً بالسجن تصل إلى مدة 15 عاماً، وذلك عن جرائمهم المتعلقة باستعباد الرجال الفقراء وإجبارهم على العمل، وفق “دايلي ميل”.
وقد كان أغلب ضحاياهم من الأفراد المشردين أو الرجال ذوي القدرات التعليمية المحدودة، واللذين استغلتهم عائلة “روني” للعمل القسري في ظل ظروف وحشية، حيث سُجن هؤلاء الرجال على أراضي العائلة وتعرضوا للضرب والتجويع، وأجبروا على العمل لساعات طويلة في شركة رصف الممرات الخاصة بالعائلة.
26 عاماً من العبودية كانت إحدى الحالات المروعة بشكل خاص تتعلق برجل احتُجز أسيراً لمدة 26 عاماً، وأُجبر على العمل لمدة 12 ساعة في اليوم، سبعة أيام في الأسبوع.
وتعرض لانتهاكات مروعة من قبل عائلة “روني”، إذ هدده جون روني، أحد الأعضاء الرئيسيين في العائلة، بالقتل، وأجبره ذات مرة على حفر قبره بنفسه كشكل من أشكال الترهيب.
وعانى هذا الضحية، والذي يُشار إليه باسم الضحية (أ) لإخفاء هويته، من أضرار جسدية ونفسية شديدة خلال سنوات الأسر.
وتروي شقيقته كيف تعرض للضرب بمجرفة، عندما تأخّر في الاستقاظ، وكيف حُطمت أسنانه بلوح خرساني، وأُرغم على توقيع عقد لا يفهمه تحت التهديد بالدفن حياً.
مقاضاة الحكومة ورغم إدانة الأسرة وخطورة جرائمهم، فإن تحقيق العدالة للضحايا كان بطيئاً للغاية، إذ تلقى الضحية (أ) مؤخراً تعويضاً قدره 352 ألف جنيه إسترليني بعد معركة قانونية مطولة، لكن العملية استغرقت وقتاً طويلاً، لدرجة أن 15 رجلاً آخرين كانوا مستعبدين معه ماتوا قبل أن يتمكنوا من تلقي أي تعويض.
وفي البداية، عُرض على الضحية (أ) حوالي 12 ألف جنيه إسترليني فقط من خلال هيئة تعويضات الإصابات الجنائية (CICA)، الأمر الذي دفع أسرته إلى مقاضاة الحكومة للمطالبة بتعويض كاف.
وتعرضت هيئة تعويضات الإصابات الجنائية، وهي وكالة تابعة لوزارة العدل، لانتقادات شديدة، بسبب تعاملها مع قضايا العبودية الحديثة، حيث زعم المحامون وممثلي الادعاء العام بعدم كفاءة الهيئة واستعدادها للتعامل مع هذا النوع من القضايا.
حياة الترف من العبودية وكانت جرائم عائلة “روني” واسعة النطاق، فبالإضافة إلى استعباد الرجال من أجل أعمالهم، كانوا يستهدفون أيضاً أصحاب المنازل المسنين، ويرغمونهم على التنازل عن ممتلكاتهم، والتي تُباع بعد ذلك لتحقيق الربح ومن ثم استخدام عائدات هذه الجرائم لتمويل أسلوب حياة مترف، والاستمتاع بالعطلات والسفر إلى وجهات متعددة مثل بربادوس وأستراليا ومصر، وشراء سيارات عالية الأداء، وحتى دفع تكاليف جراحة التجميل.
وفي الوقت نفسه، عاش ضحاياهم في بؤس، حيث كانوا يسكنون في قوافل أو إسطبلات متداعية بدون وسائل الراحة الأساسية مثل التدفئة أو المياه أو المراحيض، وأُجبر البعض على العيش في الغابات القريبة، حيث تم توفير الكهرباء لمساكنهم بشكل غير آمن.
ضحايا.. موقع الفظائع وفي نهاية المطاف، داهمت الشرطة ووكالة مكافحة الجريمة الوطنية أراضي عائلة “روني” في عام 2014، وحررت 18 رجلاً كانوا محتجزين تراوحت أعمارهم بين 18 و63 عاماً، أُجبروا على العمل في مهام يدوية شاقة مثل إصلاح العقارات ورصف الممرات، وكل ذلك أثناء المعاناة من سوء التغذية وتعرضهم للإساءة المستمرة. كان استغلال عائلة “روني” شديداً لدرجة أن بعض الضحايا أصبحوا غير قادرين على العيش بشكل مستقل، ويحتاجون إلى رعاية على مدار الساعة نتيجة لإصاباتهم.
على الرغم من التأثير المدمر لجرائمهم، فقد تم إطلاق سراح أفراد العائلة روني منذ ذلك الحين من السجن ويقال إنهم عادوا إلى العمل، ويُعتقد أنهم يعملون من الموقع نفسه بالقرب من ساكسيلبي في محافظة “لينكولنشاير”، حيث ارتكبوا فظائعهم.
وبالرغم من بيع العقار والأرض الأرض التي تبلغ مساحتها خمسة أفدنة في مزاد مقابل 340 ألف جنيه إسترليني في عام 2022، لكن يبدو أن عائلة “روني” قد أبرمت صفقة مع المالك الجديد تسمح لهم بالبقاء على الأرض، حيث ما يزال هذا هو العنوان المسجّل للعديد من أفراد الأسرة.
أعمال مستمرة يلتزم السكان المحليون بالحذر من عائلة “روني”، التي تشتهر في المنطقة بماضيها الإجرامي، ووصف أحد الجيران، الذي طلب عدم ذكر اسمه، الهائلة بأنها “سيئة السمعة”، وقال إن الناس في المجتمع يتجاهلونها.
غير أن الجار أكد أيضًا أن أعمال العائلة في رصف الممرات الممر لا تزال تُدار من الموقع، على الرغم من تاريخ الاستغلال والإساءة المرتبط بها.
وأثار استمرار وجود عائلة روني في المجتمع، إلى جانب بطء وتيرة العدالة لضحاياهم، غضباً، وسلط الضوء على أوجه القصور في النظام الحالي في التعامل مع حالات العبودية الحديثة.
ويطالب المحامون وممثلي الادعاء العام بإصلاحات كبيرة لقوانين هيئة تعويضات الإصابات الجنائية والإطار القانوني الأوسع، لضمان حصول ضحايا الاتجار والعبودية على التعويض والدعم الذي يحتاجون إليه لإعادة بناء حياتهم.
واعترفت الحكومة بخطورة جرائم عائلة “روني”، وأعربت عن تعاطفها مع الضحايا، ولكن بالنسبة للعديد منهم، فإن صدمة محنتهم لم تنته بعد، ولا يزال السعي لتحقيق العدالة مستمراً.