كشفت دراسة جديدة مخاطر تكوّن مادة الأكريلاميد في غالبية الأطعمة التي نتناولها يومياً مثل البطاطا المقلية والخبز والقهوة، وذلك يعود إلى طريقة التحضير الخاطئة التي يمارسها عدد كبير من اللبنانيين.
هذه الدراسة تم إجراؤها في جامعة بيروت العربية- كلية العلوم الصحية وتحت اشراف رئيسة قسم تكنولوجيا المختبرات الطبية بكلية العلوم الصحية الدكتورة فاطمة صالح، وذلك بهدف رصد مستوى المعرفة والممارسات المتعلقة بمادة الأكريلاميد “المسرطنة”.
ما هي مادة الأكريلاميد؟
تُشير الدكتورة صالح في حديث لـ “لبنان 24” إلى ان “مادة الأكريلاميد هي مركب كيميائي يتكوّن تحت درجة حرارة عالية عند تفاعل السكر مع الأحماض الأمينية الموجودة في الطعام عند القلي أو الشواء أو التحميص، وتعتبر هذه المادة “مادة مسرطنة محتملة” طبقاً للوكالة الدولية لبحوث السرطان (IARC) والبرنامج الوطني الأميركي لعلم السموم (NTP)والعديد من المنظمات الأخرى”، لافتة إلى ان “الهيئة الأوروبية لسلامة الغذاء (EFSA) خلصت إلى أنّه من المحتمل أن يزيد الاكريلاميد من خطر الإصابة بالسرطان للمستهلكين من جميع الفئات العمرية، مما يؤكد على أهمية تقليل التعرض له قدر الإمكان”.
وتوضح صالح ان “الأكريلاميد يتكونّ بشكل أساسي في الأطعمة التي تحتوي على النشا، بعد التعرض لدرجة حرارة عالية مثل البطاطا عند قليها والخبز عند تحميصه”، وتقول: “التخلص من هذه المادة في نظامنا الغذائي هو أمر غير ممكن، ولكن التحكم في تكوينها وتقليل تناولها أمر ممكن وضروري”.
ولفتت إلى ان “المُثير للقلق هو أن غالبية المشاركين في الدراسة التي أجريت (أكثر من 80%) ليس لديهم فكرة عن مادة الأكريلاميد أو الأطعمة التي تساهم في ارتفاع نسبة التعرّض لها، وقد اختار غالبيتهم البطاطا المقلية أو المحمصة ذات لون القشرة الغامق، مما يجعلهم أكثر عرضة لخطر التعرّض لهذه المادة.
كيفية تجنب هذه المادة
تعتبر صالح ان “هناك إجراءات تساعد في تقليل تكوّن مادة الأكريلاميد، وذلك عن طريق تطبيق ممارسات تقاليد الطهي”.
وتُضيف: “الدراسة أظهرت على سبيل المثال ان غالبية المُشاركين أي 90.8 بالمئة يقومون بتخزين البطاطا في ظروف مناسبة بعيداً من أشعة الشمس، مما يؤثر بشكل كبير في تقليل مستويات السكر في البطاطا، كما ان 93.6 بالمئة منهم يقومون بغسل البطاطا بعد تقشيرها، مما يساعد على تقليل كمية النشا الموجودة فيها، في حين أن نسبة 56.7 بالمئة فقط من المشاركين ينقعون البطاطا في الماء قبل القلي أو التحميص.”
وتُشدد صالح على أهمية هذه الدراسة لتوعية مصانع الأغذية وتشجيعهم على تبنّي ممارسات تقلل من تكوّن مادة الأكريلاميد.
واعتبرت انه “يُمكن تحقيق ذلك من خلال إشراك صنّاع القرار مثل وزارة الصحة وجمعية حماية المستهلك من أجل وضع قوانين صارمة لمراقبة ومراجعة صناعة الأغذية وضمان الالتزام بالمعايير الصحية لتقليل مستويات الأكريلاميد إلى الحد الأدنى بالإضافة إلى توعية المجتمع اللبناني من هذه المادة للمساهمة في تحسين الصحة العامة والوقاية من المخاطر المرتبطة بها.”
نصائح مهمة
وحذرت صالح من ان “البطاطا المصنعة في المعامل أو أكياس البطاطا “التشيبس” تحتوي على مادة الأكريلاميد لأنها مقلية لذا يجب نقع البطاطا قبل قليها لتقليل السكر وبالتالي مادة الآكريلاميد.
كما دعت إلى تخزين البطاطا النيئة في خزانة مظلمة ومعرضة للتهوئة بدلاً من تخزينها في البراد، ونقعها في ماء ساخن لمدة 10 دقائق وإذا كانت المياه باردة نقعها ما بين 15-30 دقيقة قبل القلي أو التحميص للتخفيف من كمية النشا والتقليل من نسبة السكريات.
وأشارت إلى ضرورة الالتزام بحرارة لا تتجاوز الـ 120 درجة مئوية لتجنب الافراط في القلي وظهور اللون البني للتخفيف من هذه المادة المُضرة.
أما بالنسبة للخبز، فقالت صالح: “إذا كان الخبز محمصا فهو يحتوي على مادة الأكريلاميد لذا يجب الابتعاد عن اللون الغامق في التوست او الخبز الافرنجي والابتعاد أيضا عن أطراف التوست لأن هذه المادة تتكثف فيها”.
وبالنسبة للأفران، تلفت صالح إلى ان “هناك دراسات أثبتت انه في حال أضفنا مواد مضادة للأكسدة على العجين مثل الروزماري او إكليل الجبل تخفف من نسبة الأكريلاميد عند خبزه، كما يجب زيادة وقت تخمير العجين لأن هذا الأمر يقلل أيضا من مادة الأكريلاميد “.
وفي ما يتعلق بالقهوة، أشارت إلى ان “القهوة تكون محمصة قبل شربها وبالتالي لا يمكن القيام بأي شيء الا شربها باعتدال أو الاكتفاء بشرب كوب واحد يوميا”.
واعتبرت ان “هذه الأمور البسيطة قد تُساهم في تخفيف مادة الأكريلاميد بحسب الدراسات التي أجريت”.
في الختام منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) لم تحددان نسبة الأكريلاميد المسموح بها يوميا لتكون آمنة، ولكن ثمة توصيات بالتخفيف من استهلاك الأغذية التي تحتوي عليها لأنها “مادة مُسرطنة مُحتملة” للبشر، والدراسات التي أجريت على الحيوانات أثبتت انها تؤدي إلى الإصابة بالسرطان وعندما أجريت على الانسان كانت نتيجتها مُتضاربة حول ما إذا كانت فعلا تسبب السرطان لذا اعتبرت مصدرا سرطانيا مُحتملا، وبالتالي الاحتياط واجب.