كتبت جوانا فرحات في “المركزية”:
بعيدا من الهجوم السيبراني الذي شنته امس اسرائيل على حزب الله في ضربة هي الاعنف على الاطلاق منذ 8 تشرين الاول الماضي، نسبة للضرر البشري الهائل الذي لحق بالحزب خلال دقيقة واحدة، تبقى بعض المناطق اللبنانية في خطر من نوع آخر، لا سيما عاصمة الشمال طرابلس التي دقّ نواب اللقاء النيابي الطرابلسي اللواء أشرف ريفي و إيهاب مطر وإيلي خوري ومنسق اللقاء رامي فنج ناقوس الخطر منذ يومين وقالوا بالمباشر” في طرابلس الوضع يُنذر بالأسوأ”!.
المشهدية على الأرض هي التالية: إعتداءات على المواطنين واستخدام السلاح بأنواعه بما في ذلك السكاكين والآلات الحادة وسواها لترهيب الناس من جهة وتهديدهم أحيانا كثيرة بقوة السلاح للحصول على ما في جيوبهم من مال أو التخلي عن مركباتهم ودراجاتهم الهوائية والنارية. بالتوازي، ازدادت نسبة الإعتداءات على عمال الدليفري، أما على مستوى المواطن العادي فحدث ومن دون حرج عن حوادث العنف التي يتعرض لها المواطنون خلال تنقلاتهم ليلا. كما يشكو العديد من أبناء المدينة من انتشار حالات العنف التي باتت تتعرض لها المحال التجارية والمخازن في العديد من المناطق وذهب ضحيتها العديد من المواطنين ومن مختلف الأعمار وكذلك التجار.
النائب في كتلة الجمهورية القوية إيلي الخوري يؤكد عبر “المركزية” أن ما يحصل في طرابلس ليس وليدة اللحظة والحوادث ليست ظرفية، إلا أن هذا الوضع بدأ يتفاقم منذ أشهرعلى رغم المبادرات التي أطلقت سابقا بعد مراجعتنا رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، والداخلية بسام المولوي وقائد الجيش جوزف عون لكن تبين أنها لم تعط أية نتيجة، مما يؤكد أنها كانت غير فعالة وغير كافية “.
ولا يخفي خوري وجود خطة ممنهجة لضرب الأمن الإجتماعي ودق الإسفين في الوضع الأمني على الأرض بعد محاولات شيطنة طرابلس في السياسة. ويقول” ثمة خطة ممنهجة تبدأ باهتزاز الأمن عبر إشكالات أمنية وإطلاق نار وسقوط ضحايا وصولا إلى تجارة المخدرات وتوزيعها بسعر متدني بهدف توسيع رقعة إنتشارها ورفع معدل التعاطي بين الشباب الطرابلسي. من هنا، بات لدينا شك أقرب إلى اليقين بأن هناك هجمة شرسة على مدينة طرابلس، والمطلوب ليس فرض الأمن بعد حصول إشكالات أو وقوع جريمة سرقة أو قتل، إنما أمن إستباقي وخطة أمنية مختلفة عن الإجراءات التي اتخذت سابقا” .
وإذ يلفت خوري إلى ضرورة أن تكون الإجراءات بحجم المدينة، يشير بأن الصورة القاتمة في مدينة طرابلس تستوجب أن ندق ناقوس الخطر. وكشف عن لقاء مرتقب لنواب اللقاء مع ميقاتي ومولوي لتطبيق إجراءات إستئنائية ” شرط عدم تحويل المدينة إلى بقعة أمنية لأن طرابلس تستحق الحياة كما ناسها”.
بدوره، يشير الكاتب السياسي أحمد الأيوبي لـ”المركزية” أنه “يكاد لا يخلو يوم من عمليات إطلاق نار تصل إلى حدود القتل أو الإعاقة في أغلب الأحيان، ويتدفّق المصابون وعائلاتُهم إلى المستشفى الحكومي في القبة والمستشفى الإسلامي الخيري، وتتناسل من هذه الجرائم جرائم ثأرية أخرى من دون أن يظهر للدولة بأمنها وقضائها أثرٌ حقيقي وأحياناً تغيب حتى في الشكليات”.
هذا الواقع سبق وعرضه الأيوبي منذ حوالى 6 أشهر، “لكن الوضع ازداد سوءا نتيجة انزلاق بعض النواب في سلوكهم الشعبوي إلى حدود إيواء المطلوبين بجرائم القتل في منازلهم ومكاتبهم، قبل أن يتحوّل هؤلاء النواب إلى “وسطاء” لصالح المطلوبين مع الأجهزة الأمنية والقضائية فيساومونها على تسليمهم ويضغطون على أهالي الضحايا، ليأخذوا منهم “مصالحات” غالباً ما تأتي على حساب حقوق المجني عليهم بشكلٍ من الأشكال، ويتم إخلاء سبيل مرتكبي الجرائم بعد أقل من 48 ساعة مما يؤدي إلى ازدياد نزعات العنف والإستعداد لإطلاق النار بهدف القتل لأنّ البيئات القابلة للعنف باتت ترى هذه الحمايات مشجِّعاً لها على ارتكاب المزيد من الجرائم”.
“استفحال هذا “الفلتان” وما يُلحقه من أضرار وضحايا بات يتطلب إجراءات من قِبل المؤسسات الأمنية بصورة خاصة، علما أن الجيش تمكن منذ حوالى الشهر من فرض القانون وضبط المخالفات ومن أبرزها إزالة البسطات والغرف المخالفة التي تم تشييدها على سطح نهر أبو علي بعدما كان محظرا إزالتها بسبب التدخلات السياسية، وصولا إلى سوق الخضار الجديد الذي كان معروفا ب”سوق الأحد”. ويضيف”إلا أن جريمة قتل موظف في جمعية المنهج الخيرية على يد المدعو محمد السماك الذي كان يفرض خوات على الأهالي ويؤمن الكهرباء من الجمعية عن طريق التشبيح كشفت الغطاء عن الحماية السياسية التي كان يتلطى بها” .
وإذ يلفت الأيوبي إلى مشروع التوأمة بين جمعية المنهج الخيرية وجمعية أم النور لمكافحة المخدرات يسأل عن خلفيات هذه الجريمة ومن يقف وراءها “هل تكون مافيات المخدرات؟ وهل هناك استهداف لضرب التعاون المسيحي – الإسلامي من ورائها؟ أي دور تلعبه شرطة البلدية، ولماذا تم التغاضي عن أعماله ؟”.
كثيرة هي الأسئلة التي تطرح في ظل الواقع الأمني والإجتماعي الذي تعيشه مدينة طرابلس. من هنا يشيد الأيوبي بالصرخة التي أطلقها النواب، معتبرا أنها جاءت في مكانها لكن المستغرب غياب باقي النواب ومنهم فيصل كرامي بحجة وجود نائب من كتلة القوات اللبنانية. وهذا حتما يشجع الفوضى وكان من الأجدى أن يضع نواب الشعب خلافاتهم على حدى لأن الأولوية أمن طرابلس وحماية أهلها والأهم أن ينأى القضاء عن التدخلات السياسية ويتوقف عن لعب دور “مزراب العدالة”.