كتب معروف الداعوق في “اللواء”:
عملية إعادة اعمار ما هدمته الحرب الإسرائيلية على لبنان، معقدة وملحّة وضرورية في آن معاً، لانها تشمل شريحة واسعة من المواطنين، الذين تهدمت منازلها كليا او جزئيا، واصبحت بلا مأوى بين ليلة وضحاها، وحتى موارد رزقها دمرت، وكذلك البنية التحتية في هذه المناطق،ولكنها ليست ميسّرة كما يتوقع البعض، ودونها صعوبات وعقبات عديدة، على الرغم من الوعود الرئاسية والالتزامات الحكومية، بوضعها موضع التنفيذ العملي في أقرب وقت ممكن، اي فيما تبقى من عمر حكومة العهد الأولى، للمباشرة عمليا، في البدء بعملية اعادة اعمار ما هدمته هذه الحرب التدميرية المشؤومة.
اولى هذه العقبات، توفير الاموال اللازمة لتمويل عملية اعادة الاعمار، والبحث عن الدول والجهات التي تقبل او تستطيع اعطاء لبنان هذه الاموال، والشروط المطلوبة من الدولة اللبنانية، لصرف هذه الاموال وآلية مراقبتها والاشراف عليها.
وثانيا، عدم وجود الادارات والهيئات والمؤسسات التي تدير مثل هذه العملية المهمة، وتستطيع مواكبة خطة الحكومة، بجدارة وفاعلية، وتحت رقابة مشددة، لمكافحة الفساد وهدر الاموال، والتي ترافق تنفيذ مثل هذه العمليات في لبنان عادة، في حين يعرف الجميع وضعية الهيئات والادارات العامة الموجودة والمترهلة الى حدود التفكك والعجز التام عن مواكبة اطلاق عملية اعادة الاعمار بهذا الحجم الكبير، ناهيك عن تورط معظمها بشبهات فساد وسرقة المال العام في العقود الماضية.
وثالثا، وجود طبقة سياسية، تورط معظمها بالفساد وهدر الاموال العامة، في المشاريع المهمة التي تم تنفيذها في السنوات الماضية، وانتهاج المحاصصة، لمصالح سياسية خاصة على حساب المصلحة الوطنية العامة، او منع تنفيذها لمصالح مالية، كما حدث في ملف الكهرباء الحيوي والضروري لكل اللبنانيين من دون استثناء.
ولتفادي هذه العقبات، يتطلب الامر اولا،تشكيل هيئة رئاسية وحكومية، توحي بالثقة، لكي تتولى الاتصال بالدول والصناديق والمنظمات العربية والدولية، بالتزامن مع اقرار الاصلاحات المطلوبة، بالتعينات في مجالس الادارة في الهيئات والمؤسسات العامة، لكي تستطيع اقناع الدول المانحة لتقديم المساعدات المالية والاقتصادية والقروض الميسرة، لاطلاق ورشة إعادة الأعمار بالطريقه المناسبة.
ولكن تحقيق مثل هذه الخطوة المهمة، يتطلب تجاوز العديد من المطبات والتناتش السياسي المعهود، الذي يعيق اجراء الاصلاحات المطلوبة في الادارة العامة، ووضع خطة عمل مرفقة بجدول زمني، لتسريع الإجراءات والتدابير والقرارات المطلوبة، لاستقطاب الاموال من الخارج والمباشرة بإطلاق ورشة إعادة الأعمار والنهوض بالدولة عموما، وهذا يتطلب وقتا أكثر من المحكى عنه في المواقف والتصريحات اليومية.