أقام رئيس حزب “الحوار الوطني” النائب فؤاد مخزومي وعقيلته مي إفطارا رمضانيا في دارتهما على شرف مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، بحضور سفراء: المملكة العربية السعودية وليد البخاري، المملكة الأردنية الهاشمية وليد الحديد، جمهورية مصر العربية علاء موسى، الجزائر كمال بو شامة، تونس بوراوي الإمام، والمغرب محمد اكرين، وعدد من النواب والوزراء الحاليين والسابقين، والمرجعيات الروحية ورجال الدين، ورؤساء جمعيات وفاعليات وإعلاميين.
مخزومي
وألقى مخزومي كلمة رحب فيها بالحضور وبالمفتي دريان، وأكد “دعمه لسماحته للاستمرار في حمل رسالة الاعتدال وصلابة الموقف وحفظ العيش المشترك”، وقال: “إن لبنان يعبر في مرحلة انتقالية صعبة وقاسية عاشها أهلنا خلال الحرب الإسرائيلية المدمرة التي كنا قد حذرنا منها مرارا وتكرارا. ورغم كل ما حصل، فإن ما بلسم الجراح، عودتنا التدريجية للتعافي، ونهوض الدولة من تحت الركام”.
وشدد على “أهمية المصالحة، لكن قبلها المصارحة ومواجهة الحقائق بأنه لن يكون هناك إعمار إذا لم تتم تلبية شروط بناء دولة فعلية”، وقال: “إن المطلوب عودة الدولة عبر بسط سلطتها بقواها الشرعية وحدها، على أراضيها وبتطبيق الدستور واتفاق الطائف الذي ينص على سحب سلاح الميليشيات، واتفاق وقف اطلاق النار والقرارات الدولية 1559 1680 و1701 واتفاق الهدنة، توصلا إلى استمرار مساعدة المجتمع الدولي لنا، كي نحمي لبنان وسيادته”.
أضاف: “لدينا اليوم رئيس للجمهورية افتتح عهده بزيارة المملكة العربية السعودية، فهذه الزيارة تعني عودة لبنان إلى الحضن العربي، انطلاقاً مما تمثل المملكة من قيم الأخوة والتعاون والحرص على لبنان، والتي كانت وما زالت داعمة للبنان وشعبه بكل الأوقات، لا سيما من خلال مشاركتها الفاعلة في اللجنة الخماسية”.
وشكر مخزومي لـ”المملكة وقيادتها والولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وجمهورية مصر العربية وقطر الجهد الذي بذلته، من أجل إخراج لبنان من الأزمة”، وقال: “لقد بدأت عودة الدولة الى الدولة، وشكلت حكومة، ساهمنا جميعا في ولادتها، بفعل قرار منا بتخطي الحسابات التي لا مكان لها”.
وأشار إلى أن “المطلوب من الدولة اليوم كثير بدءا من فتح كل ملفات النهب والسرقة الكبرى التي أدت الى الانهيار الاقتصادي في عام 2019، مرورا بإجراء تحقيق جنائي في مصرف لبنان ووزارة المال، والتحقيق في ملف الودائع والقطاع المصرفي وتحديد المسؤوليات عن ضياع مدخرات اللبنانيين وجميع المودعين، وإجراء تحقيق جنائي في الوزارات كافة وتحديد المسؤوليات ومحاسبة رموز الفساد والإفساد، وصولا إلى إقرار قانون استقلالية القضاء، كي يكون مستعدا لتلقف هذه الملفات وتحقيق المحاسبة”.
ووجه مخزومي رسالتين إلى كل من فلسطين وسوريا، متمنيا لـ”فلسطين أن يحل السلام العادل والشامل المبني على حل الدولتين، الذي أقرته قمة بيروت في عام 2002″، وداعيا إلى “تصحيح العلاقة بين لبنان وسوريا، على أساس احترام سيادة البلدين، والعمل بسرعة على عودة النازحين والبدء بترسيم الحدود البرية كاملة وضبطها، وترسيم الحدود البحرية”.
وفي ما يتعلق بالانتخابات البلدية في العاصمة، أكد مخزومي أنه يتطلع الى “انتخاب مجلس بلدي كفوء، خارج الاصطفاف السياسي، يؤدي مهمة انماء العاصمة، خلافا للمرحلة السابقة التي شهدت سوء الإدارة، والفشل في تلبية المتطلبات الإنمائية للعاصمة”.
وأكد أن “إنتاج مجلس نيابي سيادي وإصلاحي في انتخابات عام 2026 بأصواتكم وإرادتكم، سيكون البداية الجدية لوضع لبنان في المكانة التي يستحق”.
وإثر كلمة النائب مخزومي، تم تكريم مفتي الجمهورية تقديراً لدوره الوطني والديني.
مفتي الجمهورية
من جهته، شكر مفتي الجمهورية لمخزومي “استضافته وتكريمه”، قائلا: “إن نائب بيروت يبذل كل جهد لمساعدة الناس والوقوف إلى جانب أهله في بيروت”.
وشدد على “أهمية التمسك بالدستور واتفاق الطائف كمرجعية ثابتة للبنان”، محذرا من “أي محاولة للالتفاف عليهما لما قد يجره ذلك من صراعات داخلية وخارجية”.
أما عن الوضع الحكومي، فأكد المفتي دريان “دعمه للحكومة”، وقال: “هذا الدعم يترافق مع الترقب لما ستقوم به هذه الحكومة بشكل سريع وملح”.
وأشار إلى أن “تحفظات البعض على الحكومة مهما كانت الاسباب لن يمنع إعطاءها الفرصة لتحقيق ما يتطلع اليه الشعب اللبناني”.
وأبدى تفاؤلا حذرا من الوضع الداخلي، منتقدا “ارتباط البعض بأجندات خارجية”، وقال: “عندما يعود كل اللبنانيين إلى لبنانيتهم وتعود كل الأحزاب إلى لبنانيتها نكون أمام موالاة ومعارضة طبيعية من أجل الوطن”.
أضاف: “إن شهر رمضان يبعث فينا الأمل نحو مستقبل أفضل، وهذا ما نطمح إليه جميعا في لبنان وفي محيطنا العربي”.
وذكر بفلسطين والمسجد الأقصى، لافتا إلى أن “المجاعة ما زالت في غزة في هذا الشهر الفضيل”، متسائلا: “ماذا سيفعل المسلمون والعرب تجاه هذا الواقع؟”، وقال: “إننا أمام عدو غاشم، صراعنا معه صراع تاريخي ديني، وعلينا أن نبقى متكاتفين مع إخواننا الفلسطينيين في تصديهم لهذا العدو، وسنبقى مع فلسطين حتى قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية”.
وعن سوريا، أكد المفتي دريان “الوقوف إلى جانب الدولة السورية الجديدة”، مشددا على أن “لبنان كان دائما داعما لخيارات الشعب السوري”، داعيا إلى “احترام سيادة سوريا واستقرارها”.
وأشار إلى أن “دار الفتوى واللبنانيين يقفون إلى جانب النازحين السوريين الذين ما زالوا يعيشون على الاراضي اللبنانية”، رافضا “أي تغول عليهم أو أي اعتداء من حرق لخيمهم أو ما يشابه ذلك”.
وتحدث عن مدينة طرابلس والشمال، مؤكدا أنها “جزء أساسي من لبنان”، وقال: “إن طرابلس ليست مدينة الإرهاب، بل هي مدينة العلم والوطنية والعروبة، وكانت وما زالت مدينة آمنة تحتضن جميع اللبنانيين”.
كما دعا إلى “تعزيز الأمن والاستقرار فيها”، محذرا من “محاولات البعض لتشويه سمعتها”، مؤكدا أن “الدولة يجب أن تتخذ إجراءات صارمة ضد من يحاول العبث بأمن المدينة”.
ودعا إلى “التكاتف الوطني”، معتبرا أن “أي انحراف عن المسار الوطني الجامع سيعيد لبنان إلى دوامة الفوضى وعدم الاستقرار”، مطالبا “الجميع بتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الفئوية”.
ختاما، دعا مخزومي المجتمعين إلى مائدة الإفطار.