ما أضيق هذه المساحة عند الرغبة في الحديث عن تجربة شاعر بحجم الراحل الكبير حسن السبع. فالتفاصيل التي تغري القارئ بالتوقف عندها في تجربة السبع كثيرة ومتنوِّعة وثرية. وعليه، اخترنا جانباً واحداً هو تجلي الموروث الشعري القديم في تجربته الحديثة. لا سيما وأن هذا الجانب ظهر عنده في وقت كان يُتهم فيه شعراء الحداثة بممارسة القطيعة مع كل ما هو تقليدي وقديم.
ويتجلَّى حضور التراث الشعري في تجربة السبع كاشفاً معه عن سعة معرفته وعمقها بمفاصل الشعر التراثي القديم. إذ تمثّل قصائده "تباريح سوق العطش" وما نشره معها من قصائد، الأنموذج الذي يعكس هاجس شاعرنا الكبير باستحضار الموروث الشعري. سواء أكان ذلك عبر استحضار مقولات وحالات تاريخية لها مدلولاتها الرمزية الكبيرة في الوجدان العربي، أم عبر استحضار أبرز شعراء التراث في تجربته بشكل مخصوص كما سنرى.