كتب معروف الداعوق في “اللواء”:
تعرَّض لبنان كغيره من دول الجوار السوري، لموجات من النازحين السوريين في العام٢٠١١ جراء عمليات القتل والابادة الجماعية وتدمير المدن والقرى، التي ارتكبها نظام الرئيس السابق بشارالاسد، ضد ابناء الشعب السوري المطالبين بالحرية والمشاركة بالسلطة ومقدرات الدولة، حتى باتت مشكلة النازحين السوريين منذ ذلك الحين، مشكلة اقليمية عموما، وتمددت بعد ذلك إلى دول اوروبية وغيرها، ما تطلّب الامر تخصيص مؤتمرات على مستويات دولية رفيعة، لبحث كيفية معالجة هذه المشكلة، ورصد الاموال اللازمة لمساعدة النازحين، وكان لبنان من ضمن دول الجوار السوري، المشمول بهذه المشكلة، وإن لم ترصد له المساعدات الكافية، لتمكينه من مواجهة تداعيات وجود النازحين السوريين على اراضيه، كباقي الدول الاخرى، ولتعويضه جراء تكاليف ونفقات وجود النازحين السوريين.
بعد سقوط نظام بشار الاسد وهروبه الى روسيا وانسحاب قوات الحرس الثوري الايراني وحزب الله، وتولي الادارة السورية الجديدة برئاسة احمد الشرع السلطة في سوريا،منذ ما يقارب الثلاثة أشهر، انحصرت موجة النازحين السوريين الجدد من حلفاء ومرتزقة والمليشيات المذهبية الايرانية، بالتدفق إلى لبنان وحده من خلال المعابر غير الشرعية، حتى بلغ عددهم ما يقارب عشرات الالاف، تمركزوا بحماية حزب الله،في بلدات وقرى البقاع الشمالي، التي باتت تعاني من تداعيات وجودهم حتى اليوم، ولم يصدر اي إعلان رسمي بوجودهم حتى اليوم، باستثناء مطالبة نائب وزير الخارجية الايراني للشؤون القنصلية وحيد جلال زادة، الذي زار لبنان مؤخرا، الذي كشف عن وجودهم، ودعا السلطات اللبنانية والمنظمات الدولية، للاهتمام بهم، وتقديم المساعدات المطلوبة لهم أسوة بالمساعدات التي تقدمها للنازحين السوريين عموما.
ومنذ ايام، وجراء احداث العنف والاشتباكات التي جرت في مدن الساحل السوري مؤخراً، تدفق الالاف من النازحين السوريين من العلويين إلى قرى وبلدات عكار في شمال لبنان عبر الاراضي الزراعية المتداخلة والمعابر غير الشرعية، واستقروا هناك، بعيدا عن أي مساءلة او تدخل من السلطات الرسمية اللبنانية، لمنعهم من العبور او اعادتهم إلى بلادهم، ما تسبب باحتقان وتداعيات تهدد بإحداث وتوترات بالمنطقة، جراء تدفق هؤلاء النازحين السوريين الجدد إلى لبنان.
اللافت في موجة التهجير السوري الجديدة، والتي تمت على دفعتين باتجاه البقاع الشمالي وعكار،منذ تسلم الادارة السورية الجديدة للسلطة في سوريا، لم تطل اي دولة من دول الجوار السوري، اي العراق، او تركيا، او الاردن، كما حصل في موجة التهجير ابان الانتفاضة الشعبية السورية السابقة، بسبب التدابير والإجراءات المشددة التي اتخذتها هذه الدول على حدودها مع سوريا،واقتصرت هذه الموجة الجديدة على لبنان وحده، باعتباره الخاصرة الرخوة بالمنطقة، بسبب تفلُّت الاوضاع الامنية على المعابر غير الشرعية على طول الحدود اللبنانية السورية، وهو ما يضاعف من معاناة اللبنانيين جراء موجة النزوح السوري الجديدة، التي لم تلفت اهتمام الدول المجاورة ولا الدول الاخرى، لا من قريب او بعيد، الامر الذي يزيد من تحمل لبنان اعباء مضاعفة ومخاطر نشوب احداث وتوترات امنية متنقلة.