“الوادي الأخضر”، اسمٌ طبع في ذاكرة كل بيت لبناني، فمنتجاته زينت موائدهم وخلّدت ذكرياتهم بطعمها اللذيذ. لكن خلف هذا الاسم، تروي قصةُ الشركة المنتجة رحلةً متقلبة، ناتجة عن صراع القيادة بين شخصيتين متناقضتين: السيد هنري عبجي والسيدة دانا متري، أرملة المرحوم جورج عبجي.
في عهد السيد جورج عبجي، عاشت “الوادي الأخضر” عصرها الذهبي. ارتقت الشركة إلى العالمية، ونالت منتجاتها شهرة واسعة في الكثير من الدول، بفضل تشكيلتها المتميزة من المقبلات اللبنانية. لكن رحلة النجاح توقفت فجأةً مع رحيل جورج عبجي في حادث مأساوي، تاركاً وراءه فراغاً كبيراً وخلافات عائلية.
برز اسم السيد هنري عبجي، ابن أخ جورج، الذي تدرّج على يد عمه، واكتسب خبرةً واسعة في مجال الأعمال، فتولى قيادة مجموعة عبجي للمواد الاستهلاكية (OCP)، ونجح في الحفاظ على مسيرة النجاح التي أسسها عمه.
لكن لم تستمر مسيرة النجاح طويلاً، بعد تسلم السيدة دانا متري عبجي مقاليد الأمور، لتصبح على رأس إحدى أكبر المجموعات التجارية في لبنان والمنطقة، رغم الانتقادات التي واجهتها لعدم خبرتها في مجال الاعمال، فهي حاملة شهادة في علم نفس الأطفال.
مع تولي السيدة دانا زمام الأمور، شهدت “الوادي الأخضر” اضطراباتٍ غير مسبوقة. توالت الاستقالات في مجالس الإدارة، وازدادت التغييرات في التشكيلات الإدارية. خلال ثلاث سنوات فقط، تمّ تعديل وتبديل مجلس إدارة المجموعة خمس مرات متتالية.
أدى هذا التغيير الدرامي إلى تفاقم الخلافات العائلية، ونشوب نزاعات قانونية بين المساهمين وأفراد العائل. وصلت الأمور إلى حدّ المطالبة بتصفية وحلّ المجموعة بسبب الخسائر المتراكمة والتفرد باتخاذ القرارات والتوقف في المسار التصاعدي للشركة لا بل اتخذ منحى معاكس أي الانحدار وهو ما لمسه مستهلكو منتجات الشركة بصعوبة الحصول على متطلباتهم في المحالات التجارية.
ويزداد القلق مع بدء الإدارة الحالية في تصفية بعض ممتلكات المجموعة في لبنان والخارج، مما يُعرّض الشركة لخطر التصفية القضائية. هذا الأمر خلق جوًا من الخوف لدى الموظفين والمتعاملين مع الشركة.
ما يحصل في مجموعة عبجي مثالًا بارزًا على تأثير الخلافات والطموحات الشخصية على مسار العمل في الشركات العائلية. فهل ستُؤدي هذه الطموحات الشخصية والخلافات العائلية داخل العائلة إلى إطفاء نار “الوادي الأخضر” وإخفاء نكهته اللذيذة من ذاكرة اللبنانيين؟