كتب منير الربيع في “المدن”:
لا يعني الهدوء النسبي الذي عاشته مناطق الجنوب اللبناني يومي الخميس والجمعة، بعدما أحجم حزب الله عن تنفيذ عمليات عسكرية ضد مواقع الإحتلال الإسرائيلي، أنه دائم وطويل. فما يجري هو جزء من سياق المعركة، لا سيما في إطار توضيح مشهدياتها في كل الإقليم، انطلاقاً من توزيع الأدوار القائم بين قوى محور المقاومة.
فحزب الله، بداية، انخرط في الصراع بشكل مباشر، وهذا كانت تقتضيه المعركة وما يتصل بالرسائل التي تقصّد الحزب إرسالها، حول مدى جهوزيته وقدراته. لكن الأهم بالنسبة إلى الحزب هو إظهار التكامل في الجبهات من دون الوصول إلى درجة فتح الجبهات بشكل موسع.
تقنية أميركية
وقد بدا ذلك واضحاً، في دخول الحوثيين على الخط من اليمن عبر إطلاق صواريخ. كذلك بالنسبة إلى فصائل عراقية نفذت عمليات ضد أهداف أميركية في العراق وسوريا. مرحلة أخرى ستأتي تتصل بتعاظم التحركات في الضفة الغربية كساحة استنزاف وإشغال جديدة لقوات الإحتلال. تماماً كما عمل الحزب على تحويل الجبهة الشمالية للأراضي المحتلة. وبالتالي، ما يعمل عليه المحور، هو إظهار اتساع رقعة الردود، وتنويع الجبهات بالإضافة إلى الرد بشكل مباشر على الأميركيين وليس حصر الردود بالإسرائيليين، لا سيما أن الحزب وإيران يعتبران أن التقنيات الأميركية المتقدمة الممنوحة لإسرائيل، هي التي تمكنت من إلحاق الخسائر الكبيرة في صفوف الحزب في لبنان، خصوصاً باستخدام إحدى الطائرات المسيرة الأميركية، ذات التقنية المرتفعة والقادرة على اكتشاف الخلايا والعناصر برصد أي حركة، وإن كانت في أماكن غير ظاهرة أو مغطاة.
كل ذلك لا يزال ضمن قواعد معروفة سلفاً بالنسبة إلى الحزب. وهو يختار التوقيت الذي يراه مناسباً لتنفيذ أي عملية عسكرية، وفق ما تقتضيه وقائع المعارك. ولذلك، لا يمكن الركون إلى الهدوء الحذر والنسبي.
بنك أهداف جديد
طبعاً، يبقى حزب الله هو العنصر العسكري الأقوى في المحور، وذلك لا ينفصل عن تحديد توقيت التدخل وقواعده وحدوده. إذ من الممكن أن يكون تدخل الحزب بشكل أوسع مما كان عليه الوضع في الأيام الماضية متروكاً لمرحلة أخرى. ومن شأنه أن يهدف إلى تغيير في موازين قوى المعركة، بشكل لا يعود تدخله مقتصراً على إشغال الإسرائيليين فقط، إنما ينتقل إلى مرحلة جديدة فيها نوع من كسر الإسرائيليين أو الحاق الهزيمة بهم في معركة أو أكثر.
حسب ما يقول بعض العارفين في طريقة وآلية عمل الحزب، فبالتأكيد هناك من يعكف في المجلس العسكري فيه، لوضع خطط ورؤى حول آلية التدخل في المرحلة المقبلة، والتي ستكون مرتبطة بنقطتين، الأولى الردّ على الاعتداءات السابقة، والثأر لشهدائه، بالإضافة إلى الردّ على الحرائق المتعمدة التي أشعلها الإسرائيليون، وأرادوا منها “كشف الحزب” ومنعه من حرية الحركة بين الأحراج. أما الثانية، فهي تتصل باللجوء إلى آلية عسكرية جديدة، لا تعود مقتصرة على توجيه ضربات لمواقع عسكرية مقابلة للحدود اللبنانية، وهي المواقع نفسها التي استهدفها الحزب على مدى 16 يوماً. وبالتالي، هناك بنك أهداف جديد يعمل الحزب على تحديده.
نحو المستوطنات؟
من بين ما تنص عليه قواعد الاشتباك هو تجنّب الطرفين لاستهداف المدنيين، وما قبل هذه المواجهات وعندما كان حزب الله يسعى إلى الردّ على أي عملية اسرائيلية، كان يفضل اللجوء إلى تنفيذ عمليات عسكرية في مزارع شبعا المحتلة، باعتبارها منطقة عسكرية ولا مدنيين فيها. اليوم أصبح الوضع مختلفاً في كل المستوطنات التي تحولت إلى معسكرات، بعد إخلاء المدنيين منها، وهذا ما سيعطي للحزب هامشاً أوسع وأكبر لتنفيذ عمليات عسكرية فيها، وجزء من هذه العمليات قد يكون نوعياً، ولا يقتصر فقط على مسألة إطلاق صواريخ موجهة باتجاه مواقع أو آليات عسكرية.
لقد كان الحزب أول من هدد ولوح وأجرى مناورات في سبيل العبور والسيطرة على مستوطنات.
عذراً التعليقات مغلقة