كتبت كارولين عاكوم في “الشرق الاوسط”:
ينعكس غياب الثقة بين الأفرقاء اللبنانيين والاختلاف في مقاربة سلاح «حزب الله» على «مبادرة البطريركية المارونية» ما من شأنه أن يهدد نتائجها التي كان يفترض أن تنتهي بإصدار وثيقة تعوّل عليها بكركي لتكون «وطنية إنقاذية جامعة».
وأول هذه المؤشرات ظهر في كلام رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، الذي وصفها بـ«طبخة بحص»، معرباً عن عدم قناعته بنتيجة اللقاءات التي تجمع ممثلي الأفرقاء المسيحيين في بكركي. وأعلن، في حديث لتلفزيون لبنان، أنه لا يستشرف جدوى منها، مشيراً إلى أن مشاركة «القوات» لأسباب مختلفة، وفي طليعتها «من أجل الكنيسة».
وعبّر جعجع عن عدم ثقته برئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، قائلاً: «تعلمنا انطلاقاً من تجارب الماضي عدم إعطاء التيار قصقوصة ورق قبل التزامه بمواقف معلنة. لذا، وضعنا في بكركي النقاط على الحروف وفسحنا له المجال للتفكير».
وتعزو مصادر في «القوات» كلام جعجع إلى غياب الثقة برئيس «الوطني الحر»، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «رئيس القوات يحذّر من كيفية مقاربة باسيل للأمور بناء على تجارب سابقة». لكنها تؤكد في المقابل أن «القوات» مستمر على مستوى التنسيق والتقاطع في موضوع رئاسة الجمهورية مع المعارضة بما فيها «التيار»، وفي لقاءات بكركي و«يهمّنا أن تصدر وثيقة وطنية جامعة لكن التجارب جعلتنا نعبّر عن شكوكنا».
وترتبط هذه الشكوك، بحسب المصادر، بشكل أساسي بعلاقة باسيل مع «حزب الله»، وتقول: «إذا كان هناك فريق آخر يقول إن سلاح الحزب يحمي لبنان فهذا يعني أننا ما زلنا في المربع الأول، لذا من هذه الزاوية نرى أنه إذا لم نتفق على الثوابت لتشخيص الأزمة وعلى حلها عبر وضع خريطة الطريق لتسليم هذا السلاح يعني أنها ستكون طبخة بحص».
طبخ البحص
في المقابل، تردّ مصادر قيادية في «الوطني الحر» على نعي جعجع لمبادرة البطريركية المارونية، بالقول لـ«الشرق الأوسط»: «لا نطبخ البحص ولا نشارك في طبخة بحص». وتجدد في الوقت عينه التمسك بموقف «الوطني الحر» الذي يرى أن سلاح الحزب هو عنصر قوّة لحماية لبنان لكنها ترفض في المقابل استخدامه في حروب الآخرين. ومن هنا يأتي الخلاف في مقاربة هذا البند المتعلق بالسلاح بين «التيار» والأفرقاء المسيحيين الآخرين المشاركين في لقاءات بكركي.
وبينما تلفت المصادر إلى أن لقاءات بكركي بحثت حتى الآن في 80 في المائة من القضايا، متوقعة ألا تأخذ الوثيقة وقتاً طويلاً قبل صدورها، تؤكد أن «الوطني الحر» يدعو لاحترام القرار 1559 الذي ينص على نزع سلاح الميليشيات لكنه في الوقت عينه يؤكد أن السلم الأهلي يبقى الأولوية، مضيفة: «خلافنا مع حزب الله الأخير ورفضنا التورط في حروب خارج لبنان، لا يعني أننا نقبل بعزل أي مكون لبناني».
من هنا، تؤكد المصادر أن «الوطني الحر» مستمر في المشاركة في لقاءات بكركي، آملة في التوصل إلى إصدار وثيقة ذات طابع وطني لتكون وثيقة تاريخية تؤدي غرضها لوقف انهيار الدولة والمؤسسات وانتخاب رئيس وتثبيت الشراكة الحقيقية التي لا تهم فقط المسيحيين إنما كل المكونات اللبنانية.
مسار تشاوري
وبين هذا وذاك، تجدد مصادر حزب «الكتائب» ترحيبها بمبادرة بكركي وكل المبادرات التي تهدف إلى إخراج لبنان من أزمته.
وبينما كانت المعلومات قد أشارت إلى أن اللقاءات في بكركي التي تجمع ممثلين عن الأفرقاء المسيحيين ستنتهي بإصدار وثيقة، أوضح راعي أبرشية أنطلياس المارونية المطران أنطوان بو نجم، قبل أيام في بيان له، أن البطريرك الماروني بشارة الراعي قد كلّفه بـ«إطلاق مسار تشاوري لمبادرة وطنية جامعة إنقاذية، تؤكد الثوابِت التي يؤمِن بها اللبنانيون، على اختِلاف مكوناتهم، مع تشخيص مكامن الخلل واقتِراح خريطة طريق للمعالجات».
وأشار إلى أن «التشاور انطلق مع القوى السياسية المسيحية في مرحلة أولى، على أن يتوسع الحِوار بعدها ليشمل كل القِيادات الروحيَّة والمرجعيات السياسية اللبنانية والقوى المجتمعية الحية في مرحلة ثانية». وقال إن «المبادرة بدأت منذ أكثر من عام، ويتابعها فريق عمل متخصص في الدستور والقانون والسياسات العامة، وهي بعيدة عن أي انحياز لأي فريق سياسي، بل هي تتقاطع في ثوابتها مع كل الإرادات الطيبة التي تعمل لخلاص لبنان».
عذراً التعليقات مغلقة