عماد الشدياق نقلاً عن “إيلاف”
بعد المملكة العربية السعودية والصين، أضافت باكستان والبرازيل اسميهما إلى قائمة دول “الجنوب العالمي” التي أعلنت عدم حضورها “قمّة السلام” الأوكرانية، موجهة ضربة موجعة للرئيس الأوكراني المنتهية ولايته فلاديمير زيلينسكي.
وكان زيلينسكي قد دعا زعماء العالم، وخصوصاً دول الجنوب العالمي، إلى حضور القمّة التي تستضيفها سويسرا منتصف الشهر الحالي، في محاولة لتعزيز الدعم الدولي لكييف، إلاّ أنّ دولاً عدّة لم تبدِ حماستها للحضور، إذ يبدو أنّ لائحة الدول المقاطعة ستطول أكثر فأكثر، خصوصاً بعد إعلان سويسرا عن عدم دعوتها روسيا، بالرغم من أنّ موسكو هي المعنيّ الأول لحلّ الصراع، وهو ما دفع تلك الدول صوب العزوف عن المشاركة.
السعودية والصين.. والضربة الموجعة
لكن الضربة الموجعة والمُوجهة إلى “مصداقية” القمّة، جاءت من أهم دولة حيادية في الصراع، وهي المملكة العربية السعودية، وذلك بعد أن نقلت وسائل إعلام غربية عن مصادر دبلوماسية في الرياض، أنّ المملكة لن تشارك في المؤتمر، كاشفة أنّ زيلينسكي أراد زيارة السعودية من أجل الحصول على الدعم في المؤتمر المنشود، لكنّ المملكة أجّلت زيارته إلى ما بعد انعقاد المؤتمر في سويسرا… فكانت، تلك، إشارة واضحة إلى عدم حماسة الرياض للانخراط بأيّ عمل قد يثير غضب موسكو أو يعكر صفو العلاقة بينهما.
الضربة الثانية التي وُجهت إلى زيلينسكي وكذلك إلى المؤتمر، جاءت من الشرق، تحديداً من بكين، حيث أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ أنّ بلاده لا تستطيع حضور مؤتمر سويسرا، لأنّ دعوة بكين إلى المشاركة على قدم المساواة بين روسيا وأوكرانيا غير متوفرة، وبالتالي فإنّ مشاركة الصين تتعارض مع جدول أعمال الاجتماع، مذكراً بثلاثة عناصر تأخذها الصين بعين الاعتبار للمشاركة بأيّ مؤتمر سلام لأوكرانيا، وهي:
1 – أن يكون ممثلو كل من روسيا وأوكرانيا حاضرين.
2 – أن تكون مشاركة جميع الأطراف متساوية.
3 – أن تكون جميع خطط السلام حاضرة وخصوصاً قابلة للدراسة.
دعوات بالجملة و”حركة بلا بركة”
وفيما أكدت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أنّ موسكو لا تعتزم المشاركة في مؤتمر سويسرا “حتى لو تمت دعوتها إليه”، تخطّط السلطات السويسرية لعقد المؤتمر في منتجع بورغنستوك، وذلك بعد أن وجّهت دعوات لأكثر من 160 وفداً.
لكن بالرغم من هذا الفائض في الدعوات، لم يُعرف على ماذا تعتمد سويسرا من أجل اعتبار مؤتمر قاصر ومنقوص “خطوة أولى باتجاه عملية سلام مستدام” في أوكرانيا؟ وكذلك لم يُعرف إلى ماذا استندت سويسرا من أجل دعوة دول مجموعات “السبع” و”العشرين” و”بريكس” وبلدان مختلفة، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي وثلاث منظمات دولية هي الأمم المتحدة ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا ومجلس أوروبا، وممثلَين دينيين عن الفاتيكان وبطريركية القسطنطينية المسكونية، مستثنية من كل هذه الدعوات الطرف الأقوى والأكثر تأثيراً في نجاح أو إفشال أيّ المؤتمر مثل روسيا؟
واشنطن تخفّض تمثيلها
وفيما أعلنت الهند أنّها سترسل ممثلاً رمزياً إلى المؤتمر، فجّرت الولايات المتحدة مفاجأة إضافية، زادت من منسوب الاحباط لدى كييف، إذ أكد البيت الأبيض أنّ الرئيس الأميركي جو بايدن لن يحضر المؤتمر، بالرغم من تواجده في أوروبا في الأيام التي ستسبق الاجتماع، بينما ستمثل واشنطن نائبة الرئيس كاميلا هاريس، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان.
ونزل خبر خفض التمثيل الأميركي في المؤتمر على الرئيس الأوكراني المنتهية ولايته كالصدمة، إذ وصف زيلينسكي قرار بايدن بأنّه “هدية” للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، معبّراً عن خيبة أمل كبيرة.
زيلينسكي قال في مؤتمر صحافي عقده خلال زيارته بروكسل قبل أيام: “أعتقد أنّ قمة السلام تحتاج إلى الرئيس بايدن. يحتاج القادة الآخرون إلى بايدن لأنهم سينظرون إلى رد فعل الولايات المتحدة”، معتبراً غيابه “لن يُقابل إلاّ بتصفيق من بوتين”.
باكستان والبرازيل… والحذو نفسه
أمّا باكستان، فأكدت بلسان المتحدث باسم وزارة الخارجية (ممتاز زهرة بلوش) أنّها دُعيت إلى القمّة، لكن من المرجح أن تتجنّب القمّة كجزء من جهودها في “الحفاظ على الحياد”. إلا أنّ المعلومات تفيد بأنّ سبب غياب باكستان الرئيسي، هو عدم دعوة روسيا إليه، لأنّ إسلام آباد تشعر بالقلق من أنّ هكذا قمّة “قد لا تكون مفيدة”.
الموقف نفسه ستحذوه البرازيل على ما يبدو، إذ يفترض أن ترفض المشاركة بدورها، مما يعني أنّ دول “بريكس” الخمس ستمتنع عن الحضور، خصوصاً بعد فشل حزب رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا (المؤتمر الوطني الإفريقي) في الانتخابات العامة، الذي سيبدي اهتماماً في الشأن الداخلي، أكثر من متابعة الأزمات الخارجية.
كل هذا يشي بأنّ القمّة السويسرية المقبلة سوف تستمرّ في إثارة الجدل مع اقتراب موعد انعقادها، وسوف تكشف دولة تلو الأخرى موقفها الرافض للمشاركة… وهو ما اضطر السلطات السويسرية أكثر من مرة، إلى إنكار أنّ القمّة تواجه إنذارات من قبل وفود محتملة مختلفة. ففيما قالت كييف إنّ أكثر من 100 دولة ستحضر المؤتمر، قدّرت السلطات السويسرية عدد الدول التي ستحضر حتى الآن، بما لا يزيد عن 70 دولة… وربّما سيكون العدد أقلّ من ذلك يوم انعقاده.