كتب منير الربيع في “المدن”:
هل ربح حزب الله داخل الجامعة العربية أم عليها؟ سيكون هذا أكثر الأسئلة المطروحة لبنانياً وخارج لبنان، في هذه المرحلة، بعد ما أعلنه نائب أمين عام جامعة الدول العربية حسام زكي خلال زيارته للبنان، قائلاً إن الجامعة لم تعد تصنّف حزب الله تنظيماً إرهابياً. وفي معرض التبرير لهذا الكلام، استند زكي على ما قال إنها مقررات قمة جدة العربية في العام 2023، بأن الجامعة لم تأت على ذكر حزب الله كتنظيم ارهابي، واقتصر البند المخصص للبنان على عدم التدخل الخارجي بالشؤون اللبنانية. كذلك استند زكي على قمة المنامة 2024 والتي أيضاً لم تذكر التنظيمات الإرهابية.
خلال زيارته إلى لبنان التقى زكي برئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، وأبلغه بأن الجامعة لم تعد تصنّف الحزب تنظيماً إرهابياً. تفسيرات كثيرة يمكن أن تطلق على هذا التطور، وكلام أكثر يمكن أن يقال في ظل الكثير من المعطيات أو المعلومات أو التقديرات المتناقضة. إذ هناك من يعتبر أن الجامعة العربية تبحث عن دور في لبنان، وعن كيفية استعادة التأثير، وأن ذلك لا يمكن أن يتحقق من دون التواصل مع الحزب الذي يمثل قوة أساسية لا يمكن تجاوزها، وأي طرف يريد أن يكون مؤثراً على الساحة اللبنانية لا بد أن يضطلع باتصال بالحزب.
زيارة زكي كانت بناء على تكليف شخصي من الأمين العام للجامعة العربية. والتقصّد في إعطاء هذه الصفة هو محاولة لعدم إلزام كل أعضاء الجامعة بالمجريات والتفاصيل أو النتائج. ولكن بالتأكيد، ليس من السهل أن يمر هكذا قرار من دون حصول نقاش حوله أو بروز تطورات استدعت هذه الخطوة. إلا إذا كانت الجامعة العربية قد دخلت في دوامة من التشظيات والتناقضات. من هنا تتكاثر التفسيرات، بين من يحاول ربط ما جرى في سياق التقارب الإقليمي، والخليجي بالتحديد، مع إيران، والذي لا بد له أن ينعكس على الوضع في المنطقة ككل. مقابل من يضع المسألة في خانة المساعي للتقارب الإيراني المصري، وهناك من يذهب بعيداً ويربط ما جرى بزيارة رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله إلى دولة الإمارات العربية المتحدة قبل أشهر.
مرت أيام على هذا القرار من دون أي موقف واضح من الجامعة العربية، ومن دون أي بيان من الدول الأعضاء، إذا كانت تؤيد ما جرى أم تعارض. ولكن مصادر أخرى تفيد بأن هناك اتصالات تجري بين بعض الدول والجامعة للاستفسار. بعض الإجابات التي ترد تفيد بأنه في ظل الظروف والأوضاع القائمة والمخاطر المحدقة في لبنان، من جراء احتمال التصعيد الإسرائيلي، لا بد من أن يكون هناك احتضان عربي للبنان، فيما آخرون ينظرون إلى ما يجري بأنه محاولة لتليين الموقف مع حزب الله، والدخول معه في نقاش ومفاوضات لتجنب الحرب والتصعيد، وللمساهمة في صناعة اتفاق سياسي أو ديبلوماسي لوقف المواجهات الدائرة في الجنوب.
رأي آخر يشير إلى أن الجامعة لا تريد أن تبقى غائبة عن الساحة اللبنانية، في مقابل تقدم دول عديدة لا سيما فرنسا والولايات المتحدة بمبادرات ومساع، لتسوية الأوضاع العسكرية والسياسية. وتريد الجامعة أن يكون لها حضور في ملف الانتخابات الرئاسية، خصوصاً بعد تراجع فرص اللجنة الخماسية في تحقيق أي خروقات. كما هناك من يربط ما يجري في سياق الانفتاح العربي على سوريا.
عذراً التعليقات مغلقة